القذافي والحزن النبيل

القذافي والحزن النبيل
تفطر قلبي ألما وأنا أشاهد المقاطع التي يهان فيها قائد ليبيا وهو يضرب ويشتم ولم يسلم جسده الهزيل من كل ذلك، ثم قتلوه شر قتلة وياليت ذلك فحسب فبعد القتل لم تسلم جثته من السباب والشتام وكأن القذافي يسمعهم وهو ميت.
فكدت أن أغطي وجهي خجلاً مما قام به الثوار من إهانة وذلة لرمز ليبيا بغض النظر عما قام به، فإن الرموز والرؤساء لا يعاملون بهذه الطريقة البشعة والمسكين كان يستغيث قائلا حرام عليكم أنتم ما تعرفوا الحرام) لاكن هيهات هيهات فلا حياة لمن تنادي يا القذافي.
الطريقة التي قتل بها القذافي تدل على همجيتنا كشعوب عربية ومسلمة في معاملة الأسرى لطخت سمعة الثوار الجدد فكل يحكم على هواه، فوالله الذي لا إله إلى هو لو كان الرئيس البشير ذلك الطاغية ووقع أسيرا في يدي- وشتان بين البشير والقذافي- لما مددت يدي إليه بأذى ولو قتل أخي بل أسلمه إلى المحاكم لتنظر في أمره.
ثم من ناحية أخرى أن الأسير سواء كان كافر أو مسلم لا يعامل بهذه الطريقة البشعة حتى لوكان فرعون مصر فإن لإسرى معاملة خاصة فالنبي صلى الله عليه وسلم عندما كان يقع بين يديه الأسرى كان لا يقتلهم مباشرة بل كان يعاملهم بما يستحقون فقد روي عن عائشة رضي الله عنها: (أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ننزل الناس منازلهم) أي كل له مكانته فالجندي الأسير لا يعامل كمعاملة القائد الأسير فالأخير معاملته تليق بمكانته كقائد لجيش.
وانظروا إلى التاريخ الإسلامي الناصع كيف كان صلاح الدين الأيوبي يعامل الأسرى الملوك من الفرنجة الصليبين معاملة حسنة وينزلهم المكانة التي تليق بهم، ولعل أعدائنا في الغرب أعقل منا عندما طالبت مفوضية حقوق الإنسان بالأمم المتحدة بفتح تحقيق في ملابسات مقتل القذافي وعار علينا أن يكون أعدائنا أعقل منا وأحكم منا.
وقد قال الباحث السويسري التونسي المتخصص في الشأن الليبي خلال مقابلة مع موقع "لابوث دي جاليسيا" الإسباني" أن قتل الثوار للقذافي بهذه الطريقة سينعكس عليهم بصورة سلبية وبالطبع هذا سيمثل مشكلة للمجلس الإنتقالي، بالإضافة إلى أنه سيسيء لصورة(ثوار الربيع العربي) في المنطقة ومن الممكن أن يتعرظوا لإنتقادات كبيرة حيث أن ما فعلوه لا يسمى سوى (إرتكاب جريمة قتل) وأنهم لم يحترموا قوانين الحرب التي تمنع قتل الأسرى".
أقول لثوار: فلتفرحوا قليلاً ولتبكوا كثيراً يا ثوار ليبيا وهنيئاً لكم بهذه البداية الدامية ولتعلموا أن التاريخ قد سطر فعلتكم في كتاب أسود قاتم كظلام الليل وفيه أن الثوار قتلوا أسيرهم فهنيئاُ لوصمة العار وافرحوا بعاركم وإن شئتم فارقصوا على جثة قائدكم وقد كان.